وضع هاني أبو رويضة (23 عاماً) يده فجأة على أنفه لتجنب دخول عوادم الدخان المنبعثة من احدى السيارات التي تسير على زيت الطعام المعروف بـ 'السيرج' في مدينة غزة.
أبو رويضة الذي كان متوجهاً الى جامعة الأقصى في مدينة غزة، قال 'أفكر حالياً بشكل جدي بوضع قطعة قماش (كمامة) على فمي وأنفي لتفادي تلوث الجو الناتج عن عوادم السيارات كما في بعض دول جنوب شرق أسيا'.
وباءت محاولة أبو رويضة بالفشل فقام بالسعال والعطس والكحة بشدة. وأضاف: 'إذا أردت السير في شوارع غزة فلا بد أن يحدث معك ذلك من عوادم السيارات ذات النكهات المنوعة'.
وأضاف بتهكم 'الحمد لله أصبحنا متطورين أكثر من اليابان لدينا سيارات تسير على 'السيرج'.
ويحذر مختصون من استخدام 'السيرج' للسيارات لما يسببه من أمراض صدرية والإصابة بالسرطان، إضافة الى تلويثه للبيئة.
ودفع انقطاع المحروقات لا سيما السولار والبنزين، أصحاب الكثير من أصحاب السيارات في قطاع غزة الى استخدام 'السيرج' لتشغيل سياراتهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها.
وأكد أبو رويضة أنه في ظل الأزمة الراهنة في المواصلات، فإنه لا يخرج الا لـ 'المشاوير' الضرورية وفي مقدمتها الدراسة في الجامعة.
ويتجنب أبو رويضة السير في الشوارع الرئيسة في مدينة غزة، للهروب من الدخان المنبعث من عوادم سيارات السيرج.
والسائر في شوارع قطاع غزة، حاله مثل أبو رويضة يشكو من الروائح المنبعثة من عوادم السيارات التي تستخدم 'السيرج' كوقود.
وحذر الدكتور معاوية حسنين مدير عام الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة، من الأضرار البيئية والصحية الناتجة عن استخدام السيارات لـ 'السيرج'.
وأوضح حسنين في تصريح لـ 'وفا'، أن المؤشرات تبين تزايد حالات المرض بالربو وأمراض الجهاز التنفسي بفعل استنشاق الهواء الملوث من عوادم السيارات التي تعمل بسولار مخلوط بزيوت مما يعرض المواطنين للمضاعفات الصحية الخطيرة، ومنها لا سمح الله مرض السرطان.
وحمّل حسنين سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الأولى عن تدهور الأوضاع في قطاع غزة، جراء الحصار الظالم الذي تفرضه عليه منذ ما يقارب العام.
ودعا منظمات حقوق الإنسان ومنظمة الصحة العالمية، الى التدخل الفوري لمنع وقوع كارثة صحية في قطاع غزة، عبر الضغط على الجانب الإسرائيلي لإدخال الوقود الى القطاع.
وكانت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، حذرت هي الأخرى من الخطر البيئي والصحي جرّاء استخدام المواطنين في قطاع غزة لزيت الطعام 'السيرج' لتشغيل المركبات.
وقالت الضمير في بيان صحفي اليوم، 'إن السائقين يخلطون زيت الطعام بكميات من السولار أو الكاز الأبيض داخل محركات السيارات بهدف تشغيلها بدلاً من البنزين أو السولار'.
وأوضحت أنه ووفقاً لآراء المختصين فإن خطورة النهج الجديد المتمثل بالخلط العشوائي لأنواع الزيوت المختلفة، من شأنه أن يؤدي إلى مكرهة صحية وبيئية تؤثر على كل من الصحة العامة والبيئة في قطاع غزة، حيث أن عملية خلط الزيوت والعادم من السيارات ينتج عنها مواد مسرطنة خطيرة.
ونبهت مؤسسة الضمير من أن استخدام زيت الطعام كبديل عن الوقود ينذر بكارثة بيئية وصحية وإنسانية في قطاع غزة، حيث يخشى من آثار المواد المسرطنة الناتجة عن احتراق زيت الطعام وانبعاثها في الهواء، إلى جانب تلوث الهواء الذي يعتبر عنصرا أساسيا من عناصر البيئة.
وبينما كان أبو رويضة يسير في أحدى الشوارع الفرعية، مرّت بجواره سيارة تستخدم 'السيرج' فقال بسخرية: ' إنها سيارة تسير على البطاطا'.
السبت مايو 24, 2008 11:28 pm
